أقولها وأنا كلي ثقة ومن تجربة تعلّم أكثر من لغة، وتدريسها كذلك في الجامعات الأمريكية والسعودية، ومتخصص في الدكتوراه في اكتساب اللغة الثانية، أنك ستقرأ أسفل هذه التغريدة الطريقة العلمية الصحيحة لتعلّم اللغة الإنجليزية، لكن أحتاج منك تقرأها في وقت مناسب لطول التغريدات.
بسم الله
"أسھل طریقة لتعلم اللغة الإنجلیزیة ھي مشاھدة الأفلام والقراءة...!"
"فضل ثم تابع ھذا الثرید وستتقن الإنجلیزیة في أربعة أشھر...!"
"تعلم الإنجلیزیة سھل كل ما علیك ھو أن تحفظ المفردات...!"
هل تعودت على قراءة مثل هذه التغريدات لكن لغتك لم تتغير؟
هل تشعر بالحماس لكن ما تغير شيء؟
السبب ببساطة لمن يقول ركز على المفردات؛ أن اللغة بمھاراتھا الأربع عبارة عن مفردات، ولا أظن فيه أحد یتعلم اللغة لغرض من غیر الاھتمام بالمفردات، السؤال العریض في عملیة تعلیم وتعلم اللغة: ماھي الطریقة المثلى لاستیعاب الكلمات في سیاقاتھا ثم إنتاجھا بشكل سلیم؟
فاللي يقول لك ركز على المفردات كأنه يقول لك "إذا ودك تصير تاجر لازم يصير معك فلوس كثيرة" بالله عليك! بینما توجد آلاف الدراسات التي تحاول أن تصل لطریقة مضمون نجاحها في جمع المال، علم اكتساب أو تعلم اللغة الثانیة، یوجد تخصصات للإجابة على فھم عملیة اكتساب وتعلم وتعلیم اللغة الثانیة
ثم بكل برود تقرأ أن الحل في الممارسة والقراءة والاستماع، وكأن إدراكنا لهذه المعلومة ھو الحل الغائب عن عقولنا! وھذا كأنه يقولك "أن ممارسة الریاضة ساعة یومیا مفيد"، لكن ما الریاضة المناسبة لجسمي؟ وماذا عمن یسكن في مكان لا یوجد فيه نادي؟
ھناك من یعاني من مرض مزمن فما الحل؟ ..الخ
فرانسوا جوین حاول أن یأتي بطریقة تعلیم مثالیة حتى أتى بعد دراسات علمیة مطولة "بالطریقة المباشرة" التي ربطت المفردات بالأشیاء دون وساطة اللغة الأم فاعتمدتھا فرنسا ثم انتشرت في أمریكا من خلال بیرلتز، أدرك ھذان العالمان ومرةً أخرى بعد دراسات مطولة عام ١٩٤٣م أن طریقتھم لم تنجح..! المثیر للدھشة أن فرانسوا جوین كانت له تجربة شھیرة مع تعلم اللغة الألمانیة وذلك بعدما عزل نفسه في منزله وحفظ ثلاثین ألف كلمة من المعجم الألماني ثم راجع قواعد اللغة كاملة، وعندما نزل شوارع ألمانیا لیمارسھا شعر بخیبة كبیرة وھو یشاھد الألمان یسخرون من لغته
التي لا تمت للواقع بصلة. وحدیثي ھنا ھو من زاویة تربویة تعلیمیة لم أتطرق فیه للفروقات الجوھریة بین التعلم والتعلیم والاكتساب، ولا كذلك للفروقات بین طریقة تعلم الإنجلیزیة بوصفھا لغة ثانیة ولغة أجنبیة ولا للسبب الذي یجعل اكتساب اللغة الثانیة معقدا مقارنة باكتسابنا للغتنا الأولى، وهذا مهم جدًا لنفسية المتعلم
وھو الذي یشرح لنا أثر بعض الجوانب في اكتساب وتعلم اللغة الثانیة كتفاعل الدماغ والذاكرة والظروف النفسیة والاجتماعیة والخبرة اللغویة والفروقات الفردیة والدافعیة ومقدار التعرض للغة، ولماذا شبه يستحيل أن تصبح مثل الناطق الأصلي باللغة. وتأثير اللغة الأولى.. الخ
أكتب ھذه التغريدات وأنا قلق على نفسیة كل من یتابع ھذه الخلطات السحریة من الطلاب الشغوفين والمتحمسين الجادين، كما أردت أن أقول لھم أن تعثركم تعبكم تخبطكم في مشواركم لتعلم اللغة طبیعي، ستحفظون المفردات وتمارسون ثم ستتعبون في تذكرھا ثم في استخدامھا ثم في نطقھا وھذه التحدیات طبیعیة. بريدي الالكتروني والرسائل في الخاص كلها خيبات من طلاب وطالبات شككوا هؤلاء المغردين في قدراتهم وللأسف بعضهم أكاديمي وتجده قد تخبط في تعلمها وتعب وسهر ثم أصابته لعنة المعرفة وظن أن المسألة كانت سهلة..! أو أنه يقصد "بالإتقان" لغة السفر العادية، وقد يكون تربى في بيئة لغوية مساعدة..! الطریقة المثالیة ھي أن تأخذوا وقتكم في التعلم بالطرق المدموجة وأن تتعبوا في البدایات حتى تصلوا لضالتكم وتركزوا على ما یتناسب مع ظروفكم وقدراتكم، لا تیأسوا واصلوا فاللغة بیت من حدید أبوابه من خشب؛ دخولھا سھل إتقانھا عزیز، كما أنكم لن تصبحوا مثل ناطقیھا تمامًا "أنتم طبیعیون". ختامًا: الحقيقة العلمية غالبًا مملة، لا يوجد خلطة سحرية مناسبة للجميع، يوجد طرق علمية متنوعة لا تزعم أنها تنقلك للإتقان من الصفر في أشهر، ولو كانت ھناك خلطة مناسبة للجمیع وسھلة لأغلقت المعاھد أبوابھا وارتاح الباحثون.
كان من الأمانة العلمية أن تكون هذه التغريدات.