الصين : البلد المختلف

A thread by سليم البلوي

لماذا تبدو العادات الغذائية في الصين مختلفة وغريبة عن بقية العالم ؟
ما هي الخلفيات التاريخية والثقافية والدينية والجغرافية التي تجعل المطبخ الصيني يبدو غريباً وربما مستهجناً لدى الكثيرين حول العالم ؟
وما علاقة بوذا و كونفوشيوس و ماو تسي تونغ ؟
#كورونا
سلسلة تغريدات -1

كمقدمة فلا بد من أن نعرف ان الصين بلد ضخم المساحة ومتنوع جغرافياً ويحتوي عددا ضخما ومتنوعاً عرقياً من السكان كان الأعلى في العالم حتى سنوات قليلة حين تجاوزتها الهند لأسباب أهمها سياسة المواليد لدى الحكومة الصينية . تتنوع الصين الضخمة المساحة جغرافيا واقتصادياً بشكل كبير
-2

ما أدى لوجود عدة أنواع من المطابخ الصينية مرتبطة بأقاليم ذات سمات جغرافية ومختلفة "ساحلية ، استوائية ، شبه صحراوية ، جبلية الخ "

في الصين ثمانية أنواع رئيسية للطبخ الصيني تتباين فيما بينها
مع وجود مشتركات مع جيرانها الآسيويين المحيطين بها
-3

تعرضت الصين على مدى تاريخها الطويل لحروب ومجاعات متكررة ، كان آخرها الاحتلال الياباني للصين في الحرب العالمية الثانية والذي دمر مواردها وأدخلها في حروب مستمرة كانت خاتمتها الحرب الأهلية بين الشيوعيين والقوميين والتي مكنت الشيوعيين اثر انتصارهم من اعلان جمهورية الصين الشعبية -4

في حين لجأ القوميون لجزيرة تايوان مؤسسين جمهورية الصين الوطنية .
تعرضت الصين لمجاعات أكثر من أي بلد بالعالم ، ما تسبب في تأثير كبير ومستمر إلى يومنا هذا في سلوكيات الصينيين الغذائية ، والتي تدفعهم حرفياً ل"أكل ما يمكن أكله" . وظلت تلك العادات الصينية مقاومة للتغيير حتى يومنا -5

تعرضت الصين ل1828 مجاعة منذ القرن الأول للميلاد ! بمعدل مجاعة تقريبًا كل 13 شهرًا !
أي مجاعة مع كل محصول سنوي تقريبًا ! وكانت آخر مجاعة وأكثرها فظاعة بين عامي 1958-1961 م على يد النظام الماوي في ما عرف ب”القفزة الكبرى للأمام Great Leap Forward”
-6

من المجاعات الأخرى
مجاعة 1942-1943 م
تحت الاحتلال الياباني ، 5 ملايين ضحية
ومجاعة جينك الكبرى 1907-1911
25 مليون ضحية
وكانت المجاعات أحد أهم أسباب سقوط الإمبراطوريات في الصين
ومنها سلالة مينج التي تهاوت سلطتها إثر ثورة عارمة سببتها المجاعة ما بين عامي 1630-1631م

-7

بعد مرور ألفين وخمسمائة عام ، لا تزال تعاليم الفيلسوف كونفوشيوس “توفي 479 ق.م” حاضرة بقوة في الإرث الثقافي الصيني ، ومن تعاليمه التي تشمل جوانب متعددة في الحياة والأخلاق والسلوك والنظام العام ، كان للطعام وعادات الأكل نصيبه منها ومن ذلك -8

- يجب أن يكون الأكل طازجاً ومحلياً
-الأكل يجب ان يكون في صحون صغيرة ومقادير معقولة
-خلط مقادير الأكل ليكون متجانساً دون اهتمام بطعم مكوناته الأولية ما دام متجانساً
-لا تأكل طعاما في غير موسم صيده أو حصاده

وهذا مثلًا يفسر كثرة أسواق كسوق مدينة ووهان للسمك والبحريات في الصين
-9

نأتي الان لبوذا "ولد 568 م”
حيث شكلت تعاليمه ومريديه ما يعرف بالمطبخ البوذي
والذي يحمل خصائص معينة تسرب بعضها للمطبخ الصيني
وحيث أن للبوذية انتشاراً كبير في الصين

فدفع مبدأ بوذا في تجنب الإسراف ورمي فائض الطعام الصينيين إلى تناول أجزاء الحيوانات المختلفة تجنباً لهدرها
-10

من الجوانب الأخرى لفلسفة الطعام البوذية تجنب أكل الثوم والبصل ما يجعل طعم الأكل الصيني غير مستساغ لدى شعوب تعودت الطبخ بهذين الصنفين ، ورغم أن المطبخ البوذي نباتي بالأساس ويدعوا لتجنب أكل اللحوم الا أن ذلك انحصر غالبا في النُسّاك والرهبان .
-11

تسببت سياسات ماو تسي تونغ وعلى رأسها "القفزة الكبرى للأمام" في إضعاف الزراعة الصينية بشكل كبير وإدخال الصين في مجاعة كبرى كما سبق ذكره ، وأدت هذه السياسات إلى تضاؤل الحصص الغذائية المقدمة للأفراد بشكل كبير ما زاد تمسكهم بما ورثوه
لاحظ الفرق بين الدعاية والواقع !
-12

مع قيام الجمهورية وسقوط الملكية تسنى للطبقة الشيوعية الناشئة الممسكة بزمام السلطة تجربة مأكولات ظلت حصراً على طبقة النبلاء في العهد الإمبراطوري السابق ، من أشهرها زعانف القرش.
تلك الطبقة صنعت مطبخاً خاصاً بها هو “المطبخ الشيوعي"والذي انتشرت مطاعمه في الصين حديثًا
-13

أخيرا ، توجد معتقدات قديمة متوارثة ولا ترتبط بثقافات الصين الرئيسية ، ومحورها أن أكل عضو معين يقوي مثيله لدى الإنسان ومنها أكل دماغ القرد أو قلوب الثدييات وأعضاء النمور ، وهي عادات ورغم تسليط الضوء عليها إعلاميا الا أنها بدأت بالتلاشي لدى الجيل الجديد من الصينيين .
-14

انتهى